بسم الله الرحمن الرحيم
يُحكى أنه كان هناك مجموعة من القنافذ تعاني البرد الشديد؛
فاقتربت من بعضها وتلاصقت طمعاً في شيء من الدفء؛ لكن أشواكها المدببة آذتها،
فابتعدت عن بعضها فأوجعها البرد القارص، فاحتارت ما بين ألم الشوك والتلاصق، وعذاب البرد،
ووجدوا في النهاية أن الحل الأمثل هو التقارب المدروس؛
بحيث يتحقق الدفء والأمان مع أقل قدر من الألم ووخز الأشواك..
فاقتربت؛ لكنها لم تقترب الاقتراب المؤلم..
وابتعدت لكنها لم تبتعد الابتعاد الذي يحطّم أمنها وراحتها.
وهكذا يجب أن نفعل في دنيا البشر؛ فالبشر كالقنافذ، يحيط بهم نوع من الشوك غير المنظور، يصيب
كل من ينخرط معهم بغير حساب، ويتفاعل معهم بغير انضباط.
وأن أثر رفع الكلفة والاختلاط العميق مع الناس، يؤذي أكثر مما يُفيد، ويزيد من معدل المشاحنات والمشكلات.
النبيه من يتعلم الحكمة من القنافذ الحكيمة؛ فيقترب من الآخرين اقتراب من يطلب الدفء ،
ويكون في نفس الوقت منتبهاً إلى عدم الاقتراب الشديد حتى لا ينغرس شوكهم فيه.
بلا شك الواحد منا بحاجة إلى أصدقاء حميمين يسعد بقربهم يبثّهم أفراحه وأتراحه،
وهمومه حيناً.. وطموحاته وأحلامه حيناً آخر.
فالطريقة الصحيحة لتحقيق السعادة مع الآخرين
يجب أن نحذر الاقتراب الشديد والانخراط غير المدروس مع الآخرين؛ فهذا قد يعود علينا بآلام وهموم نحن في غنى عنها.
إلى جانب (عِش في الدنيا وبينك وبين سكانها مساحة ثابتة تتيح لك أمان غَدَراتهم، وسوء تدبيرهم ).
وتذكّر دائماً أن الناس قنافذ.. فاقترب ولا تقترب...
مما راق لي