معين لا ينضب
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ القرآنَ كما يقولُ عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-:
"مأدبةُ اللهِ -عز وجل- فمَن دَخَلَ فيه فهو آمِنٌ"[أخرجه الفريابي في فضائل القرآن رقم 59].
وكيف لا؟! والذي يتلوه حقَّ تلاوتِه يشعرُ بأنّه (يعيشُ حياةً نابضةً في عالمٍ آخر غير الذي يعيش فيه.. يدركُ أنّ روحاً تَسْرِي فيه.. يحسّ مَن يقرأُ في القرآنِ متنقّلاً بين آياته وسوره أنّه نصوصٌ مفتوحةٌ أمامَها الطريق، لا يحدُّها زمانٌ، ولا يقيِّدُها مكانٌ، تُلقي تعاليمَها لهذا الإنسانِ الذي لا تتغيّرُ مشاعرُه وجوانبُه النفسيةُ وميولُه على اختلافِ الزمانِ.
.. هكذا يجدُ كلُّ إنسانٍ فيه بغيتَه.. يُقْبِلُ عليه المهمومُ ليجدَ فيه بَلْسَمَه، ويُقبلُ عليه المحزونُ ليجدَ فيه سلوتَه، ويُقبلُ عليه العالِمُ ليجدَ فيه طلبَه، ويُقبلُ عليه الهاربُ من قيودِ الحياةِ الرتيبةِ ليجدَ فيه خلوته.. يُقبل عليه الضالُّ التائهُ ليجدَ ضالتَه، فهو –كما ورد في وَصْفِه– مأدبةُ اللهِ، كلُّ إنسانٍ يأخذ منه حاجتَه، ويجد فيه قناعتَه ومتعتَه وسلوتَه)[التعبير القرآني والدلالة النفسية ص 224، 225].
وفوقَ كلِّ هذا.. تلك الطاقةُ الروحيةُ التي يولِّدُها في نفسِ مَن يُقْبِلُ عليه..
يقول محمد فريد وجدي: "إنَّ في القرآنِ طاقةً روحيةً هائلةً ذات تأثيرِ بالغِ الشأنِ في نفسِ الإنسانِ، فهو يهزُّ وجدانَه،
ويرهفُ أحاسيسَه ومشاعرَه، ويصقلُ روحَه، ويوقظُ إدراكَه وتفكيرَه"[التعبير القرآني والدلالة النفسية ص111، نقلاً عن دائرة معارف القرن العشرين لمحمد فريد وجدي 7/ 679].
ويقول: "...إنّه يثيرُ العواطفَ ويوقظُ العقولَ في وقتٍ واحدٍ، وبعد الاقتناعِ يطْمَئِنُّ العقلُ ويهدأُ الإحساسُ، ويشعرُ الإنسانُ بنشوةِ الفرحِ والارتياح" [التعبير القرآني والدلالة النفسية ص 136].
[المصدر: تحقيق الوصال (ص 35-36