إن إحياء العزة الإسلامية يكون بالاعتزاز بهذا الدين العظيم والتشرف بحمله والعمل به وتبليغه للناس، كما قال ربنا عز وجل: «وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ» والاعتزاز بالإسلام واجب لأنه من عند الله ولأنه دين كامل شامل؛ فهو منهج حياة وسعادة أمّة ومنقذ بشرية. ولهذا أمر الله عباده بالاعتزاز به وحسن الانتماء إليه فقال: «وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ».
والإشكال عند الجيل أن الكثير منهم شوه عنده مفهوم التدين لجهل وفظاظة وغلظة بعض دعاته، فحسبوا أن هذا من الدين نفسه، فصار انتسابهم إليه ضعيفاً. ومن الجيل من أعجب بالغرب وحضارته المادية التي خرجت على التدين المسيحي المحرّف في الكنيسة فقاسوا عليه الإسلام فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلا من عرض الدنيا الزائل، ومن المفكرين والمثقفين من ساء فهمه للدين فحسبه شعائر تعبديه روحانية فقط ولا صلة للإسلام بالحياة الدنيا وبناء الدولة، فنادى بترك الدين في زوايا المسجد وإقصائه من الحياة.
وحل هذا الإشكال يحصل بأمور:
الأول: أن تقوم حركة دعوية تصحيحية تعرض الصورة الحسنة الجميلة للإسلام، كما كان في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين بلا إضافات ولا فرق ولا مذاهب.
ثانياً: أن تقدم برامج ودراسات وكتب وندوات تثبت للناس شمول الإسلام لكل مناحي الحياة وتضرب لذلك الأمثلة في الحكم والاقتصاد والحياة الاجتماعية.
ثالثاً: أن يستعرض التاريخ الإسلامي في عهد القرون الفضلى وكيف قامت دولة الإسلام على تقوى من الله ورضوان، وكيف قدمت للإنسانية أروع وأجمل وأطهر حضارة، وأخرجت للبشرية أنبل وأشرف جيل. ويذكر في هذا الجانب فتوح الإسلام وإرساؤه للعدل ونشره للعلم والمعرفة والسلام والإخاء.
رابعاً: يقوم متخصصون بدراسة الحضارة الغربية ومعرفة بذور التحلل والتفسخ والفسق فيها وكشف مكامن الداء في جسم هذه الحضارة وبيان تدميرها للروح وللقيم وللأسرة وللعفاف والحشمة حتى لا يغتر الدهماء البسطاء ببريقها الزائف الخداع.
خامساً: منع أي ثقافة أو دعوة تصرف الجيل عن الاعتزاز بالإسلام مثل القومية العربية أو الفخر بالأنساب أو التمدح بمجد القبيلة والعرق والجنس واللون؛ لأن هذه دعوات جاهلية تضعف الانتماء للإسلام والاعتزاز به والتشرف بالانتساب إليه، والعودة إلى منهج سلمان الفارسي في الاعتزاز بالإسلام في قوله:
أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم