قبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه
على الفور توجَّه رسول الله إلى أبي بكر ليخبره بأمر الهجرة في تكتُّم شديد،
وكانت سعادة الصِّدِّيق غامرة بأن اختاره رسول الله رفيقًا له في الهجرة،
بل كان على أتمِّ الاستعداد لهذه الخطوة، حتى إنه أعدَّ راحلتين للهجرة،
وهيَّأ أهل بيته لهذا الأمر، وادَّخَرَ لذلك من أمواله.
وبعد أن عاد الرسول إلى بيته وجهز نفسه، استقدم عَلِيًّالينام مكانه
وأعطاه برده الأخضر ليتغطَّى به، وعرَّفه بالأمانات وأصحابها،
ولما جاء وقت الرحيل والذهاب إلى بيت الصِّدِّيق اكتشف رسول الله المفاجأة،
فقد أحاط المشركون ببيته إحاطة كاملة، وجاءوا قبل الموعد الذي توقَّعه رسول الله
وهنا نزل الوحي إلى رسول الله يطمئنه، ويأمره بالخروج وَسْطَ المشركين
دون خوف أو وَجَلٍ، فسوف يأخذ بأبصارهم
وخرج الرسول في هذه الليلة المباركة،
ليلة السابع والعشرين من صفر سنة أربع عشرة من النبوَّة،
وهو يقرأ صدر سورة يس، من أوَّلها إلى قوله
{وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} [يس: 9].
وإمعانًا في السخرية من المشركين، أخذ رسول الله حفنة من التراب
ونثرها على رءوس المشركين الذين حاصروا بيته وهم لا يشعرون به ولا يبصروه
ثم انطلق إلى بيت الصِّدِّيق لاستكمال تنفيذ الخُطَّة.
وبينما المشركون يحاصرون بيت رسول الله إذ مرَّ عليهم رجل فأخبرهم أنه قد رأى رسول الله منطلقا في الطريق
فلم يُصَدِّقوه، ونظروا من ثقب الباب فوجدوا عليًّا نائمًا،
فحسبوه رسول الله فاطمأنُّوا قليلاً،
ولمَّا جاء الصباح قام عليُّ بن أبي طالب من فراشه فرآه القوم فأُسْقِط في أيديهم، فأمسكوا به يجرُّونه إلى البيت الحرام ويضربونه، وحبسوه ساعة،
علَّهم يظفرون بخبرهما، ثم أطلقوه،
ليمكث في مكة ثلاثة أيام يَرُدُّ الأمانات إلى أهلها، ثم ينطلق مهاجرًا
**************************************************