وإن أعظم موقف في الصلاة هو ((السجود)) هذا الموقف الذي سكبت فيه دموع الخشية من رب العالمين ، هذا الموقف الذي تخرج منه دعوات المضطرين ، هذا الموقف الذي يذوق فيه العبد طعم العبودية والافتقار والاضطرار إلى رب العالمين ، فما أعظم لذة السجود عند عباد الله الذين خافوا من عذاب الله وخاصة في الثلث الأخير من الليل .
لقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم فقال : إن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " لماذا كان ذلك في السجود؟
قال العلماء : لأن في حال السجود تتحقق العبودية، والانكسار بين يديه ، فكلما ذل العبد لربه علا وارتفع .
نعم ولما عرف الأخيار شرف القرب من الله في السجود ، كان سجودهم طويلاً فقد سجد بعضهم حتى حفر التراب مكان جبهته وسجد بعضهم حتى إنه إذا رؤى قيل : ميت ، من طول السجود ومات بعضهم وهو ساجد ، الله أكبر أين نحن من هؤلاء؟
فيا أخي : جرب طعم السجود والتذلل للواحد المعبود وأكثر من الدعاء فيه فيا لله كم رفعت فيه من دعوات ، ويا لله كم فرجت بسببه من كربات وما ذاك إلا لشرف (( السجود ))عند الله ..
أخي : إن في القلب فقر شديد لا يسده إلا الغنى بحب الله وفيه حزن وهم لا يذهبه إلا السرور بمعرفة الله ، وفيه وحشة لا تزول إلا بالأنس بالله ، وفيه اضطراب لن يزول إلا إذ كان الله وحده هو غاية مطلوبك ونهاية قصدك فلا تعبد إلا هو ، ولا ترجو إلا هو ولا تستعين إلا به ولا ترجو إلا إياه.
أخي : ليس للقلب سرور ولذة تامة إلا في محبة الله ، ولا تتم محبة الله إلا بالتقرب إليه بما يحبه والإعراض عن كل محبوب سواه .
قال تعالى : ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبه )