بسم الله الرحمن الرحيم
محاسبة الحكّام
كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته
دَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُولانِيُّ عَلَىْ مُعاوِيَةَ بْنِ أَبِيْ سُفْيانَ
فَقالَ : السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الأَجِيرُ.
فَقالَ لَهُ مَنْ حَوْلَهُ : قُلْ أَيُّها الأَمِيرُ .
فَأَعادَها : السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الأَجِيرُ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ لِصَحْبِهِ : دَعُوهُ فَإِنَّ أَباْ مُسْلِمٍ يَعْرِفُ مَا يَقُولُ .
ثُمَّ قالَ أَبُو مُسْلِمٍ لِمُعاوِيَةَ :
إِنَّما مَثَلُكَ مَثَلُ أَجِيرٍ اؤْتُمِنَ عَلَىْ ماشِيَةٍ لِيُحْسِنَ رَعْيَها ، وَيُوَفِّرَ أَلْبانَها ،
وَيُنَمِّيَ الصَّغِيرَةَ ، وَيُسَمِّنَ الْعَجْفاءَ ، فَإِنْ هُوَ فَعَلَ اسْتَحَقَّ أَجْرَهُ وَزِيادَةً ،
وَإِنْ هُوَ لَمْ يَفْعَلْ نَزَلَ بِهِ عِقابُ مُسْتَخْلِفِهِ ، وَلَمْ يَنَلْ أَجْراً .
يا مُعاوِيَةُ ، إِنَّكَ إِنْ عَدَلْتَ مَعَ أَهْلِ الأَرْضِ جَمِيعاً ، ثُمَّ جُرْتَ عَلَىْ رَجُلٍ واحِدٍ ، مَالَ جُورُكُ بِعَدْلِكَ .
يا مُعاوِيَةُ ، لا تَحْسَبَنَّ الْخِلافَةَ جَمْعَ الْمالِ وَإِغْداقَهُ ؛ إِنَّما الْخِلافَةُ : الْعَمَلُ
بِالْحَقِّ ، وَالْقَوْلُ بِالْمَعْدَلَةِ ، وَأَخْذُ النّاسِ فِيْ ذاتِ اللهِ .
يا مُعاوِيَةُ ، إِنَّ النّاسَ لا يُبالُونَ بِكَدَرِ الأَنْهارِ مَا صَفا النَّبْعُ وَطابَ ، وَإِنَّ مَكانَ
الْخَلِيفَةِ مِنَ النّاسِ، مَكانُ النَّبْعِ الَّذِيْ يَرْجُونَ صَفاءَهُ .
--------------------------------------------------------------------------------