تدبر القلب
السعودية / د. أسماء بنت راشد الرويشد
جلست بقربها .. تائبة جديدة متشوقة لطاعة الله بعد حياة مظلمة ..
تحدثت كثيراً عن ماضيها المؤلم الملئ بالأخطاء والمعاصي .. وتوقفت برهة لتقول ..
كان يصعب عليّ قراءة القرآن الكريم .. أشعر أن قراءته ثقيلة علي .. الكثير ممن أعرفهم وساروا على نفس الطريق يعرفون جيداً ما أقول وأشعر بة عند قراءة القرآن .. الذنوب والمعاصي تبعدك عن القرآن .. ولا تجعلك تستطيع تدبره أوالتلذذ به !!
فكرت في حديثها فصاحب القلب المريض بالمعاصي أبعد الناس عن تدبر القرآن لأنه حجب عن طريق العلم ألا وهو تقوى الله تعالى : ( وأتقوا الله ويعلمكم الله ).
وكما يحدثنا ابن الجوزي عن بعض أسباب عدم تدبر القرآن فيقول ( ومن ذلك أن يكون مصراً على ذنب أو متصفاً بكبر أو مبتلى بهوى مطاع فإن ذلك سبب ظلمة القلب وصدأه فهو كالجرب على المرآة يمنع من تجلي الحق فالقلب مثل المرآة والشهوات مثل الصدأ ومعاني القرآن مثل الصور التي تتراءى في المرآة , والرياضة للقلب بإماطة الشهوات مثل الجلاء للمرآة ).
لذلك ينبغي على وجه الخصوص أن يبتعد عن معاصي أدوات ووسائل التدبر :-
القلب , والسمع , واللسان , والبصر فاستخدام هذه الأدوات في الحرام يعرضها لعدم الانتفاع بها في الحق .
قال تعالي : ( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي أذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب ) فالحجاب على العين يمنع رؤيته والوقر على الأذان يمنع من سماعة و الأكنة على القلوب تمنع من فهمه .
فكيف يحسن تلاوة القرآن وتدبره وفهمه بعين لوثتها النظرات المحرمة ؟
أو بإذن دنستها الأصوات المنكرة ومزامير الشيطان ؟
إن القرآن كالمطر فكما أن المطر لا يؤثر في الجماد والصخر ولا يتفاعل معه إلا التربة المهيأة فكذلك القرآن لا ينفع إلا إذا نزل على بيئة صالحة فتتفاعل معه ويؤثر بها و هذه البيئة هي الحواس والقلوب السليمة الطاهرة التي تقبل عليه .
وسر هذا أن الجزاء من جنس العمل . فكما أمسك نور بصره عن المحرمات أطلق نور بصيرته وقلبه فرأى به ما لم يره من أطلق بصره ولم يغضه عن محارم الله تعالى .