( كل بني آدم خطَّاء وخير الخطائين التوابون ) هذا ما قاله النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، فكل إنسانٍ معرضٌ للخطأ والزلل ، ولكن عليه أن يعود إلى صراط الله المستقيم وأن لا يغترَّ بكثرة الهالكين .
فالإنسان مهما أسرف على نفسه من المعاصي ، ومهما ارتكب من المنكرات ، واجترأ على ربِّ الأرض والسماوات ، فإنَّ الله يناديه بأفضل الألفاظ ، وأعذب الكلمات ، وأقرب العبارات { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } ، ويقول سبحانه : { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } .
فعلى المسلم مهما فعل واجترح من السيِّئات أن لا ييأس من رحمة فاطر الأرض والسماوات ، فإنَّه سبحانه يبسط يده بالليل ليتوب مسيءُ النَّهار ويبسط يده بالنَّهار ليتوب مسيءُ الليل ، وينادي سبحانه عباده كل يوم في الثلث الآخر من الليل هل من سائلٍ فأُعطيه ؟ هل من مستغفرٍ فأغفر له ؟ هل من تائبٍ فأتوب عليه ؟ هل من داعٍ فأجيبه ؟
فانظروا يا رعاكم الله إلى سعة رحمة الله عزَّ وجل ، نعصيه بالليل والنهار ، وبالسرِّ والإجهار ، ثم ينادينا بأحسن الألفاظ ، وأعذب الكلمات ، ولا عجب من ذلك فهو جلَّ وعلا أرحم بعباده من الأم بولدها .
فهلاَّ سارعنا بالتوبة والرجوع والإنابة إلى الله تبارك وتعالى من قبل أن يأتي أحدنا الموت { فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ } .
من قبل أن نتحسَّر على ما فرَّطنا في جنبِ الله تعالى ، فنقول حينئذٍ ربِّ لولا أخَّرتنا إلى أجلٍ فنتدارك ما فرَّطنا فيه ، فنصَّدَق ، ونفعل الخيرات ، ونكن من الصالحين بأدائنا للمأمورات ، واجتنابنا للمنهيات ، فنُجاب بأن هذا الأمر قد فات أوانه {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} المحتوم لها { وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } من خيرٍ وشر، فيجازيكم على ما علمه منكم من النيات والأعمال .