أحمد بن عبدالرحمن الصويان
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة يوم الهجرة اجتمع الناس لرؤيته من أسلم منهم وممن لم يسلم بعد ، وكانت الأعناق مشرئبة لرؤيته ، والنفوس تتشوق لملاقاته ، والقلوب تتطلع لسماعه ، فما الخطاب الذي رأى النبي عليه الصلاة والسلام أن يبدأ به في هذا المشهد العظيم ؟
تحدث بأبي هو وأمي بأبلغ عبارة وأوجز إشارة تلخص معالم هذا الدين الجديد الذي يحمله إليهم ، فقال : ( أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، و صلو...ا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام ) .
إنها رسالة الإسلام : نشر المحبة والوئام ، ترسيخ معاني الرحمة والشفقة وبذل المعروف ، تحيق التواصل والتلاحم الاجتماعي ، إخلاص القصد لله تعالى ، والتذلل بين يديه .
وتأمل قوله ( أفشوا) فهي تحمل دلالة مهمة بينها حديث آخر، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ( وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ) وهكذا يجب أن يكون المسلم مبتسما بشوشا مع الناس ، معطاء خدوما ، يتميز بالسماحة ولين الجانب .
أما الإعلام المعاصر فإنه يبني صورة ذهنية مشوهة للصالحين والدعاة ، تفيض بالشدة والعبوس والغلظة . ومن واجب الصالحين أن يبرزوا الحقيقة بالأفعال قبل الأقوال ، ويتخلقوا بأخلاق القرآن ، حتى إذا رآهم الناس عرفوا الصدق في وجوههم