الحزن الإيجابي
بقلم: عبد الحميد البلالي
كيف يكون الحزن وهو صفة من صفات الضعف إيجابياً؟ لا بد أن نفرق بين ثلاثة أنواع من أنواع الحزن: الأول: الحزن الطبيعي الذي يحدث للإنسان عند المصائب، وفقْد الأحبة، وفوات شيء من حظوظ الدنيا، والذي لا يلبث أن يزول، وقد أصاب الرسول [ من هذا النوع عندما توفي ابنه إبراهيم، فقال قولته: «إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع... الحديث». والثاني: الذي يشبه من حيث السبب النوع الأول، ولكنه يستمر، ولا يزول بسرعة، وينتج عند الاحتجاج على القدر، وضعف الصلة مع الله، وذلك لضعف الإيمان أصلاً، وذلك بخلاف الأول الذي بسبب قوة إيمان صاحبه، فإنه يزول بسرعة. والنوع الثالث: الحزن على الآخرة، أي الحزن عند فوات شيء من الآخرة، كفوات قيام الليل، أو صوم النافلة، أو درس من دروس العلم، أو صلاة الجماعة، أو لقاء أحد العلماء، أو عمل من أعمال الخير، وما شابهها، ليس تعمداً بل بسبب ظرف طارئ كمرض، أو انشغال، أو سفر، أو غيره من الأسباب وهذا النوع من الحزن، هو النوع الإيجابي الذي يدفع صاحبه للمزيد من العمل لله تعالى، والتقرب إليه، واغتنام الفرص، وزيادة الصلة بالله تعالى، لذلك يقول الإمام مالك بن دينار تلميذ التابعي الجليل الحسن البصري: «إن القلب إذا لم يكن فيه حزن خرب، كما أن البيت إذا لم يسكن خرب».. إذاً، فهذا النوع من الحزن حياة للقلب، وإيقاظ له. فالعملية - إذاً - لها علاقة بنوع الحزن، فكلما كان لدى الإنسان حزن إيجابي؛ زاد إقباله، وارتفع مستواه، وكلما مُلئ هذا القلب بالنوع السلبي للحزن؛ ضعف مستواه، وزاد ضعفه وقسا قلبه، ويؤكد هذا الأمر ابن دينار حينما قال: «بقدر ما تحزن للدنيا، كذلك يخرج هَمّ الآخرة من قلبك، وبقدر ما تحزن للآخرة كذلك يخرج هَمّ الدنيا من قلبك».
--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
إ
--------------------------------------------------------------------------------