فرصه لن تتكرر
عبد الحميد البلالي
الناجحون، الأذكياء، الأقوياء، الفطنون هم وحدهم الذين يقتنصون الفرص، فينطلقون في آفاق النجاح والنجومية، والتألق، والإنتاجية. السؤال الذي يبرز هنا: ما الفرصة؟ الفرصة مجال من مجالات النجاح الدنيوي أو الأخروي يتاح لك، ولغيرك، وربما يتكرر أو لا يتكرر أبداً، فالدنيا كلها تعتبر فرصة للإنسان لأنه مجال لن يتكرر، فإذا مات الإنسان، فإنه لن يعود إلى هذه الأرض، ففرصته الوحيدة للفوز بالآخرة هي هذه الدنيا، وهي الفرصة المتاحة للجميع، وهي التي يعاتب فيها الرب يوم القيامة للمضيعين لهذه الفرصة ، فيقول: ( وّهٍمً يّصًطّرٌخٍونّ فٌيهّا رّبَّنّا أّخًرٌجًنّا نّعًمّلً صّالٌحْا غّيًرّ الذٌي كٍنَّا نّعًمّلٍ أّوّ لّمً نٍعّمٌرًكٍم مَّا يّتّذّكَّرٍ فٌيهٌ مّن تّذّكَّرّ وّجّاءّكٍمٍ النَّذٌيرٍ فّذٍوقٍوا فّمّا لٌلظَّالٌمٌينّ مٌن نَّصٌيرُ37 ) (فاطر). والصحة فرصة، فالمريض من الصعب عليه أن ينجز شيئاً، بل تمر أمامه الفرص، ويتحسر على فواتها، ويتمنى لو أن به صحة لمزاولتها.. وكذلك الفراغ فرصة، فالمشغول ليس لديه وقت لعمل شيء خارج عما هو مشغول فيه، وربما يتمنى الفراغ؛ ليقوم بالعمل الفلاني، ولكنه لا يستطيع.. لذلك قال النبي [: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ». والعقل فرصة، فالمجنون، والمعتوه، لا يمكن أن يفرق بين ما يضره وينفعه، ولا يدري أين يسير، ولا ما يفعل أو يفعل به، ولا يعرف قيمة الوقت، ولا قيمة الأشياء.. لا فرق بينه وبين السائمة، فبالعقل يستطيع أن يخطط، ويدبر الأمور، ويتجنب ما يضره، ويسلك طريق ما ينفعه. والأمان فرصة، يستطيع من خلالها الداعية أن يبلغ دعوة الله دون خوف من مقاطعتها، ويستطيع التاجر أن يمارس تجارته دون خوف على ماله، ويستطيع العابد أن يزاول عبادته دون شعور بالخوف من منعه، أو مضايقته، فأين أولئك الأذكياء الذين يستغلون هذه الفرص؛ ليتبوؤوا أعلى منازل الدنيا والآخرة؟