5. كراهة سب الريح
قال الشافعي في الأم: ولا ينبغي لأحد أن يسب الرياح فإنها خلق لله تعالى مطيع، وجند من أجناده يجعلها رحمة ونقمة إذا شاء.
والسنة أن يقول عند هبوب الريح ما روت عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به )). رواه مسلم في صحيحه.
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الريح من روح الله تعالى تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، واسألوا الله خيرها، واستعيذوا بالله من شرها)). رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد حسن.
قوله صلى الله عليه وسلم: ((من روح الله)) بفتح الراء قال العلماء معناه من رحمة الله بعباده.
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها، وشر ما أمرت به)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، قال وفي الباب عن عائشة وعثمان بن أبي العاصي وأبي هريرة وأنس وابن عباس وجابر.
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال " (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الريح يقول: اللهم لقحا لا عقيما )) رواه ابن السني بإسناد صحيح، ومعنى ( لقحا ) حامل للماء كاللقحة من الإبل والعقيم التي لا ماء فيها كالعقيم من الحيوان لا ولد فيها، و لقحا: بفتح اللام والقاف من باب تعب. فيض القدير 5/101.
وعن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ((إذا وقعت كبيرة أو هاجت ريح عظيمة فعليكم بالتكبير فإنه يجلي العجاج الأسود)) رواه ابن السني، قال في مجمع الزوائد (10/138): رواه أبو يعلى وفيه عنبسة بن عبدالرحمن وهو متروك.
وقال الشافعي في الأم: أخبرني من لا أتهم وذكر إسناده إلى ابن عباس قال " ((ما هبت ريح إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وقال: اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا، اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا)) قال ابن عباس: في كتاب الله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً﴾ ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾ وقال الله تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾، و ﴿أن يرسل الرياح مبشرات﴾.
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "(( نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ))". رواه البخاري ومسلم. المجموع شرح المهذب(5/92).