قصة ، من : عبدالله القوز
زوجتك ماتت ! ...
أتتْ هذه الجملة عليه كـ الصاعقة ! ...
وسط ضجة أطفاله الخمسة ! ...
والسادس الرضيع الذي ينامُ بين يديه ! ...
أغلقَ سماعةُ الهاتفْ ...
وجلس مذهولاً .. صامتاً ... لا ينطق !
بعد دقائق ! ... ترك الأطفال عند الخادمة
وأتى المُستشفى ! ...
أمسكَ بـ الطبيب : هي لم تمت !!
- من هي ؟!
- زوجتي سارة !؟
- ألم يخبروك منذ قليل بوفاتها !؟
- نعم .. لكن لم تمت !!
- بلى .. أدعو لها بالرحمه والمغفرة !
- لا يُمكن !!! ... هي عاهدتني أن لا تتركني !!
- تلك هي مشيئةُ الله ! ...
وبـ عينان قد اغرورقتا بالدمع هتف :
- أراها ! ... أريد أن أراها !!
- دقائق فقط لأستلم ملفُ الجثة !
قال في نفسه : جثه ؟!!
يااااه !! ... أ معقول أن يتحول ذلك الجسد الحركي
والمليء بالمرح والأمل......إلى جثة هامدة !؟
- تفضل معي !!
و مَر مع الطبيب في عدة ممراتٍ طويلة ...
ممراتْ كان قد حفظها عن ظهر قلبْ ...
فـ هُنا كانت تمشي معه بعد عمليتُها الأخيرة ...
و على ذاك الكرسي جلسوا بعد منتصف الليل يسترجعون أيامهم الماضية !
أحس فجأة بأن الممرات غارقة بـ عطرها ...
وكل زاوية من المستشفى تُذكره بها ....
- تفضل ! ...
فتحَ لهُ بابُ غرفة ... دخلها بـ خوف !
سرت قشعريرة برد في جسده !
إنها ثلاجة الموتى !
فتح لهُ الطبيب إحداها ...
وإذا بجسدٍ مُغطى بـ غطاءٍ أبيضْ ...
- هذهِ هي ... أكشفُ لك الوجه أم تكشفهُ أنت !؟
أرتجفت يداه !! ... و ثقل لسانه :
- أنا ! ...
وكشف الغطاء !! ... وهو مُغمض العينين !
وفتحها أخيراً لـ يرى ذلك الوجه لآخر مرة ! ...
ذاك الوجه الذي أعتادَ أن يراه كُل صباح ...
.
.
.
نظر إليها ... ومن ثُم إلى الطبيب ...
- ؟
- ماذا !!
- ليست هي !!! ......... هذه ليست سارة !!!!!!!!!!!!!
ليست هي فتاة أحلامي !!
ليست هي أم أولادي !!
ليست هي !! ........
- سارة محمد !؟
- كلا !!!!!!!!! ... سارة عبدالله !!
بدت علامات الإرتباك على الطبيب
والذي فتح الملف ليتأكد !
تركهُ في إرتباكه وراح يركض ! ...
اصطدم بالعديد من العربات ! ...
وأسقط عربة الوجبات الغذائية تلك التي لم ينتبه لها وهو يركض !
لم يكن يرى في الممر المزدحم أيُ وجوه ... وأي شيء
كان ذاهباً لها هي ! ... يُريد أن يراها هي لا سواها !!
و وصل إلى غُرفتها بـ أنفاسٍ لاهثه ...
إرتعشت يداه قبل أن يمسك بـ مقود الباب ...
لكن سرعان ما تغلب على خوفه ودفع الباب مُقتحماً الغرفة ...
و رآها !! ...
هذهِ أول مرة يراها كـ ملاك ! ...
شعر بـ أنه طفلٍ قد أضاع في زحمة الوجوه وجه أمي ... و وجدها أخيراً !!
رأته بـ رعشته ... بـ رجفة يداه .. بـ دموعه و عيناه الحمراوان وذُعرت :
- علي !! ... ما بك !؟
لَمْ يجبْ ... بل أتى راكضاً إليها و حضنها بقوة وهو يبكي كـ طفل :
- عديني !! ... هذه المرة لا تتركيني !!
- ومن قال بأنني سـ أتركك ؟!
- قالوا بـ أنكِ قد رحلتي اليوم !! ... أتصلوا بي بالخطأ لـ تشابه الأسماء !! ... أتيت ولا أعرف كيف عساني أتيت !
رغم فزعها إلا أنها ابتسمت بـ عينان قد اغرورقتا بسرعة وضمته بشدة قائلة :
- أنا هُنا ... ما زلت هُنا يا حبيبي
شعرت بأن دقات قلبه والتي كانت تدق بشدة قد هرعت أخيراً .. وإطمئن ...
رد عليها بـ صوتٍ واهن :
- هُناك شيء لم أقوله لكِ طوال العشرون عاماً ! ... أنتِ لستِ زوجتي فقط ! ...
أنتِ أمي ! .. و أم أولادي ... و صديقتي ... و أختي ... و حبيبتي ...
ببساطة ... أنتِ الحياة !