الأسرة والصخور!
د. رقية بنت محمد المحارب
قرأت قصة رمزية معبرة عن أهمية الوقت ربما ليست جديدة على بعضكم ولكنني أنقلها وأحاول أن أربطها بواقع الوقت في حياة الأسرة وملخصها أن أستاذاً جامعياً أراد أن يبين أهمية إدارة الوقت فكان أن أحضر إناءاً وقطعاً من الصخور كبيرة فوضعها بعناية في الإناء ثم سأل الطلاب: هل امتلأ الإناء؟ فقال الطلاب: نعم. فقال: أنتم متأكدون؟ ثم أحضر كيساً مليئاً بالحصيات الصغيرات ووضعها في الإناء فأخذت مكانها بين الفراغات الموجودة بين الصخور الكبيرة، ثم سألهم مرة أخرى إن كان الإناء قد امتلأ الآن؟ فقالوا: نعم. ثم أحضر كيساً مملوءاً بالرمل فأفرغه في الإناء حتى امتلأت الفراغات بين الحصى الصغيرة. ثم سأل الطلاب: هل الإناء ملئ الآن؟ فكانت الإجابة بالنفي هذه المرة. فأحضر ماءاً فسكبه فيه حتى امتلأ تماماً. ثم التفت الأستاذ على طلابه قائلاً: ماهي الفكرة من وراء هذا المثال؟ فأجاب أحد الطلاب: إنه مهما كان جدول المرء مليئاً بالأعمال، فإنه يستطيع عمل المزيد والمزيد بالجد والاجتهاد. أجابه الأستاذ: هذه ليست الفكرة! هذا المثال يعلمنا أنه لو لم نضع الصخور الكبيرة أولاً لم يكن بإمكاننا وضعها أبداً، وأيضاً هي دعوة لأن تعرف ماهي الصخور الكبيرة في حياتك؟
إنه فعلاً مثل واقعي يدل على أن الأعمال أولاً تتفاوت في أهميتها وأولويتها، وثانياً أن الإنسان قد يملأ وقته ولكن بأشياء ليست ذات قيمه. إن دراسة الوقت والطريقة الأفضل لاستغلاله أمر مهم للأسرة، وبدون هذا يكون هناك ضياع لجهود كثيرة بدون تحقيق نتائج طيبة. إن قليلاً من التنظيم للوقت في حياتنا كفيل بتغيير نظرتنا إلى كثير من الأعمال التي نقوم بها بشكل يومي ربما بطريقة عفوية بحكم العادة. وإذا تأملنا في إنتاجية الأسرة لدينا لا نجد ذلك المستوى المتميز في تعليم الأولاد مثلاً بل العكس أحياناً، ولا نلمس العطاء في المجالات المختلفة وهنا لا أتحدث عن الكل بل عن نسبة كبيرة من الأسر التي نعرفها. إنني أتمنى أن يجلس الزوج إلى زوجته بمفردهما أولاً لمناقشة قضية الوقت في حياتهما، ويتفقان على إعادة النظر في طريقة إدراتهما له، ومن ثم يحاولان إشعار أولادهما من وقت لآخر بأهمية العناية به وأن يكون للتخطيط مكانة في أذهانهم. وربما بدأ المشروع الأول في وضع خطة لكيفية قضاء يومي الخميس والجمعة. إن مجرد التفكير في استغلال الساعات القادمة يعتبر في نظري اجتياز أكثر من نصف المسافة نحو التميز في الشخصية والتغيير الكبير الذي نريده في أسرتنا الصغيرة.
المصدر : لها أون لاين