خالد رُوشه | 26/6/1432 هـ
خطوة من خطوات الحملة الليبرالية الخارجية والتي يساعد فيها ويتأثر بها سعوديون هي حملة المطالبة بقيادة المرأة للسيارة تلك الحملة التي نستطيع أن نعدها رمزا مبدئيا ومفتاحا لما يمكن أن تجره تلك الحملة وأمثالها للمجتمع السعودي المحافظ على القيم والمبادىء .
هذه المرة سمعنا حديثا عن استخدام لغات أخرى غير لغات المطالبة هي لغة السعي للفوضى والخروج إلى المطالبة بقيادتها للسيارة مع جرنا إلى مناطق وهمية غير حقيقية يحدث فيها الخلاف وتجني فيها تلك الاتجاهات الليبرالية ثمارا ما كانت لتحلم بها .
المرأة في العالم كله تعلن عن معاناتها الكبيرة بسبب خروجها واختلاطها بالمجتمع الخارجي ,ولاتزال تلك المعاناة تعلن عنها الباحثات والكاتبات الغربيات والشرقيات ,حيث يشتكين قلة الرحمة بهن فيما دعوه مساواة – جائرة – بينهن وبين الرجال في مختلف المواقف الصعبة التي لاتراعي طبيعة المرأة ولا تكوينها ولا حاجاتها ولا الأخلاقيات التي يجب أن يتعامل الناس معها بها .
الإسلام هو المنهج الأوحد الذي ينادي بحفظ المرأة ورعايتها ورحمتها وتقديرها على وجه الخصوص ,والسعودية لها خصوصيتها ولها وضعها المتميز والمرأة فيها تتمتع بمكانة ذاتية تسعى أن تتماهى مع قيم الإٍسلام ومبادئه ,والمرأة السعودية تدرك جيداً انها لاتزال معززة ومكرمة لدى مجتمعها وفي أسرتها محاطة بهالة من العفة والاحترام، حتى أن كاتبة لندنية تكتب في الجارديان قامت بزيارة السعودية تكتب مقالا تقول فيه : " ليتنا مثلهن ننعم بأزواجنا وأولادنا كما ينعمن " !
التعبير الأمثل عن رؤية الإسلام في قضية تخص المرأة إنما نعرفه عن طريق قول العلماء وفتاواهم ورؤيتهم للأمور ,ولم تكن ممانعة المشايخ والعلماء لقيادة المرأة السيارة شيئا تعسفيا أو قرارا غير واقعي كما يصوره البعض ,بل كان ناتجا عن رؤية عميقة اختلطت فيها رؤية الشرع بمعرفة طبائع المجتمع وقياس المصلحة والمفسدة التي يتوقع حصولها إذا نفذ المطلب ,خصوصا وأن أنواعا مبدئية من رغبات الإنفلات تبدو من متابعة الأيام الوطنية والمباريات والاحتفالات وغيرها ما ينذر بمخاطر يمكنها أن تمس المرأة .
كذلك فإن مشكلة أخرى تحتاج إلى تعقب وتفنيد فيما يتعلق بوجود ضمانات أخلاقية من الأنظمة الرقابية والمؤسسات المسئولة عن ذلك من عدمه ,فحتى الآن يبدو الأمر قاصرا في حق النساء حيث نسمع بين الفينة والأخرى ونقرأ عن حوادث تبث الخوف في ثنايا ذلك المجتمع الآمن وبالبحث والتنقيب نرى الأسباب تتمحور في الضبط الأخلاقي كمسبب من أهم المسببات في الجريمة والانحراف
إن ملف المرأة السعودية وقيادتها للسيارة لايمكن أن يفهم منبتا عن قضاياها الأخرى , فلا يمكننا إغفال أن هناك فئات متربصة بالمرأة السعودية راغبة في تحريرها على الطريقة الغربية ,وقد بدأت مسيرة التغريب للمرأة السعودية قبل فترات وتسعى لحصد المكاسب المتتالية وتأتي لمجموعة قضايا لتجعلها رأس الحربة في اشتباكاتها مع القيم المجتمعية والدينية فتحدث البلبلة الثقافية وتهز الإطار المرجعي عند أفراد المجتمع .
وفي هذا الإطار فإن قيادة السيارة لا يمكن أن يعد من أولويات قضايا المرأة بحال ,إذ لن يستفيد منه إلا المرفهون المترفون الذين سيتسابقون في تغيير ألوان وماركات السيارات ليل نهار ,فأين القضايا الفعلية الحساسة بشأن المرأة ولماذا لانسمع صوتا ينادي بها من أمثال قضايا رعاية الفقيرات ودعمهن وقضايا حقوق الأرامل وذوات الظروف الاجتماعية الصعبة ,وكذلك قضايا توفير البيئة الصالحة والصحية للحياة الهادئة لهن ,كذلك قضايا الارتقاء بمستوى التعليم المتخصص بضوابطه القيمية ,والقضايا التربوية التثقيفية وما يتعلق منها بالممارسات وقضايا المشكلات الأسرية والعنوسة والطلاق ..إلى غير ذلك من القضايا الهامة للمرأة في المجتمع والتي تعدها كل امرأة مثقفة ونابهة أنها من قضاياها الملحة والمطلوبة ,لا كقضية قيادة السيارة التي تراها غالب النساء السعوديات المتدينات والمثقفات من القضايا المدسوسة على المجتمع والتي تقود المجتمع إلى الوقوع في مفاسد وعواقب من أهمها ما ذكره العلماء في فتاواهم من كثرة خروج المرأة من البيت وعدم القرار فيه، وما يترتب على القيادة من تبرج وسفور ، كما حدث هذا في بعض المجتمعات الأخرى ,والاختلاط بالرجال والخلوة ، ونزع الحياء منها، وتسهيل أسباب الفساد وإضعاف قوامة الرجل، وزيادة التحرش والمضايقات ، وزيادة ازدحام السيارات وكثرة الحوادث نتيجة ضعفها و ارتباكها في المواقف الصعبة والأزمات المرورية، والاضطرارية .
الحقيقة الواقعة أنه لم يدع إلى قيادة المرأة للسيارة حتى الآن عالم ولا داعية ولا مصلح ولا محتسب ولا مفكر في المملكة بل أغلب المتحمسين لها هم الذين ينادون بتغريب المرأة المسلمة بما يشي ويعبر عمن وراء الدعوى .
المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث