أفرغت يا أبا الوليد؟
د. رقية بنت محمد المحارب
هل نحن نتواصل مع بعضنا روحياً؟ سؤال أطرحه حينما تصادفني بعض من صور الجفاف في التعامل بين الناس..كم تضيع إحدانا فرصة ذهبية تعيش بها حلاوة نفسية حينما تسمح لكبرياء نفسها بالحضور والبروز، هذه الرغبة التي يظن أنها تحقق قدراً من إشباع الذات أحسب أنها تنم عن أنانية مفرطة. وأدب الاستماع واحد من الأمور التي أحب أن تسود مجتمعاتنا.
كم نحن بحاجة إلى تنمية مهارة الإنصات والاستماع بمراتبها المختلفة فإن لهذه المهارة أثراً كبيراً في تمهيد الطريق للتواصل الروحي المفقود عند بعضنا، وليس ذلك الاستماع الذي نحضر من خلاله الإجابة، أو ننتظر بشغف لحظة التقاط أنفاس المتحدث لنهجم عليه ونقاطعه. ما أجمل أن نتحلى بالصبر وندع الفرصة كاملة للمتحدث حتى يكون مستمعاً جيداً بدوره هو الآخر. والذين أثروا في مواقعهم المختلفة سواء كانت إدارية أو دعوية أو اجتماعية إنما كان من أبرز صفاتهم تمتعهم بمهارة الإنصات الذي يحترم الآخرين ويشعرهم بأهمية آرائهم وأفكارهم. إن حسن الاستماع يعين على فهم الكلام ويترك مساحة للتفكير الهادئ ويرسل برقية إلى المتحدث مفادها أن أمامه انسان يحترم نفسه ولديه شئ يقوله أيضاً. ليس صحيحاً كما هو شائع أن المتكلم دائماً أكثر ثقافة وفهماً من المستمع بل إنني أزعم أن كثرة الكلام تدل على قلة المعلومات. وفي سيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم شواهد كثيرة تدل على أن من أهم صفات المربي والموجه الاستماع الواعي الذي يعتبره المتحدث أبلغ ثناء وتأمل في قصة عتبه بن ربيعة عندما أراد أن يضع حداً لنجاح الدعوة بعد إسلام حمزة بن عبدالمطلب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وأخذ يعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم الملك والمال وغيرهما فما كان من الرسول إلا أن قال الكلمة المشهورة: أو قد فرغت يا أبا الوليد؟ فمل كان منه إلا أن كان مستمعاً بكل حواسه لدرجة أنه رجع إلى أصحابه بغير الوجه الذي ذهب به.
إن الرسالة مهما كانت تحتاج حتى تصل إلى القلوب إلى معرفة بخفايا النفوس ولعل المعلمات والموجهات والامهات يستفدن من السيرة النبوية ويستمعن إلى مشكلات وتطلعات بناتهن وطالباتهن ومع استحضار النية الصالحة تكون النتائج فوق الخيال.
المصدر : لها أون لاين
د.رقيه المحارب
مـقـالات
الصفحة الرئيسية
ملتقى الداعيات
للنساء فقط
مواقع اسلامية