الحمد لله الذى انعم علينابنعمة التوحيد وكفى بها نعمة فى الدنيا والاخرة وهى نعمة لا اله الا الله محمد رسولالله.
وبشر الصابرين
من كلا م السلف فيالصبر
1 - قال عمر بن الخطاب رضي اللهعنه: ( وجدنا خير عيشنا بالصبر )
وقال أيضاً: ( أفضل عيش أدركناهبالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريماً).
2 - وقال علي رضي الله عنه: ( ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس بار الجسد ). ثمرفع صوته فقال: ( ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له )
3 - وقال الحسن: ( الصبر كنز من كنوز الخير، لا يعطيهالله إلا لعبد كريم عنده ).
4 - وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ( ما أنعم الله على عبد نعمةفانتزعها منه فعوضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه).
5 - وقال سليمان بن القاسمرحمه الله: ( كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر ).
6 - وقال ميمون بن مهران رحمه الله: ( الصبر صبران: فالصبر على المصيبة حسن، وأفضل منه الصبر عن المعصية ) وقال أيضاً: ( ما نال أحدشيئاً من جسم الخير فما دونه إلا بالصبر ).
7- قال الجنيد: ( المسير منالدنيا إلى الآخرة سهل هين على المؤمن، وهجران الخلق في جنب الله شديد، والمسير منالنفس إلى الله صعب شديد، والصبر مع الله أشد ).
للصبر فضائل كثيرة منها:
أن الله يضاعف أجر الصابرين على غيرهم، ويوفيهم أجرهمبغير حساب، فكل عمل يُعرف ثوابه إلا الصبر، قال تعالى: إنَمَايُوَفَى الصَابِرُونَ أجّرَهُم بِغَيرٍ حِسابٍ [الزمر:10]. وأنالصابرين في معية الله، فهو معهم بهدايته ونصره وفتحه، قال تعالى: إنّ الله مَعَ الصّابِرينَ [البقرة:153]. قال أبو على الدقاق: ( فاز الصابرون بعز الدارينلأنهم نالوا من الله معية ).
وأخبر سبحانه عن محبته لأهله فقال: وَاللّهُ يُحِبُالصّابِرِينَ [آل عمران:146] وفي هذا أعظم ترغيبللراغبين.
وأخبر أن الصبرخير لأهله مؤكداً ذلك باليمين فقال سبحانه: وَلَئِن صَبَرتُملَهُوَ خَيرٌ لِلصَابِريِنَ [النحل:126].
وجمع الله للصابرين أموراًثلاثة لم يجمعها لغيرهم وهي: الصلاة منه عليهم، ورحمته لهم، وهدايته إياهم، قالتعالى: وَبَشّرِ الصّابِرينَ (155) الّذِينَ إذَآ أصَا بَتتهُممُصِيَبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وَإنّآ إلَيهِ راجِعُونَ (156) أُولئِكَ عَلَيهِمصَلَواتٌُ مِن رّبِهِم وَرَحمَةٌ وَأولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ [البقرة:155-157].
أنواع الصبر
أنواع الصبر ثلاثة كما قال أهل العلموهي:
صبر على طاعةالله
صبر عن معصيةالله
صبر على أقدارالله
**أما الصبر على الطاعات فهو صبر على الشدائد؛لأن النفس بطبعهاتنفر عن كثير من العبادات، فهي تكره الصلاة بسبب الكسل وإيثار الراحة، وتكره الزكاةبسبب الشح والبخل، وتكره الحج والجهاد للأمرين معاً، وتكره الصوم بسبب محبة الفطروعدم الجوع، وعلى هذا فقس. فالصبر على الطاعات صبر على الشدائد.
والعبد يحتاج إلى الصبر على طاعته في ثلاث أحوال:
الأولى:قبل الشروع في الطاعة بتصحيح النية والإخلاص وعقد العزم على الوفاء بالمأمور بهنحوها، وتجنب دواعي الرياء والسمعة، ولهذا قدم الله تعالى الصبر على العمل فقال: إلا الّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصا لِحاتِ [هود:11].
الثانيه: الصبر حال العمل كي لا يغفل عن الله في أثناء عمله، ولا يتكاسل عن تحقيق آدابه وسننه وأركانه، فيلازم الصبر عند دواعي التقصير فيه والتفريط، وعلى استصحاب ذكر النية وحضور القلب بين يدي المعبود.
الثالثة: الصبر بعد الفراغ من العمل، إذ يحتاج إلى الصبر عن إفشائه والتظاهر به للرياء والسمعة، والصبر عن النظر إلى العمل يعين العجب، والصبر عن الإتيان بما يبطل عمله ويحيط أثره كما قال تعالى: لاَ تُبطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالمَنِ وَالأذَى [البقرة:264] فمن لا يصبر بعد الصدقة عن المن والأذى فقد أبطل عمله.
فالطاعة إذن تحتاج إلى مجاهدة وصبر، ولهذا قال النبي: { حفت الجنة بالمكاره.. } [رواه مسلم] أي بالأمور التي تشق على النفوس.
**أما الصبر عن المعاصي فأمره ظاهر، ويكون بحبس النفس عن متابعة الشهوات، وعن الوقوع فيما حرم الله. وأعظم ما يعين عليه ترك المألوف، ومفارقة كل ما يساعد على المعاصي، وقطع العادات، فإن العادة طبيعة خاصة، فإذا إنضمت العادة إلى الشهوة تظاهر جندان من جند الشيطان على جند الله، فلا يقوى باعث الدين على قهرهما. ولهذا قال النبي صلى الله عليه، وسلم: {.. وحفت النار بالشهوات } وذلك لأن النفوس تشتهيها وتريد أن تقتحم فيها، فإذا حبس الإنسان نفسه عنها وصبر على ذلك كان ذلك خيراً له.
**وأما الصبر على البلاء فقد قال الله تعالى: وَلَنَبلُوَنّكُم بِشَىءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثّمَراتِ وَبَشِرِ الصّابِرينَ [البقرة:155]. ويكون هذا الصبر بحبس اللسان عن الشكوى إلى غير الله تعالى، والقلب عن التسخط والجزع، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحوها.
فالصبر من العبد عند وقوع البلاء به هو اعتراف منه لله بما أصاب منه واحتسابه عنده ورجاء ثوابه، فعن أم سلمة قالت: قال رسول الله : { إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي فأجرني فيها، وأبدل لي بها خيراً منها } [رواه أبو داود].