حصة، دانة، موزة وقماشة» أسماء فتيات شائعة في الامارات، يجهل الكثيرون أنها من أسماء اللؤلؤ الطبيعي، تلك الدرر التي كانت تمثل قوة اقتصاد أهل الخليج حتى قبل مائة عام.
في مثل هذه الأيام من السنة، فصل الصيف الهادئ من العواصف، كان الغاصة من رجال الامارات يخرجون بحثا عن اللؤلؤ، واليوم تمتلك الامارات 80% من مغاصات اللؤلؤ (الهيرات) ومفردها (هير).
اللؤلؤة التي يجاهد الغواص أربعة أشهر لاستخراجها جوهرة تتخلق من دخول جسم غريب إلى داخل المحارة، مما يؤذيها فتتحفز المحارة للدفاع عن نفسها عن طريق قيامها بتغطية الجسم الغريب بمادة الصدف، الذي يحيط الجسم الغريب بعدة طبقات سميكة.
ويختلف مكان اللؤلؤة في جسم المحارة باختلاف حجمها، فإن كانت مستديرة فمكانها وسط المحارة، أما غير المستدير فيكون في غير الوسط، وربما التصقت اللؤلؤة على جدار المحارة، وفي هذه الحالة تحتاج إلى جراح خبير في الأمر ليستخرجها سالمة.
يقيِّم تاجر اللؤلؤ ( الطواش) اللؤلؤة بثلاث طرق الأولى بالتصنيف الظاهري للشكل واللون والملمس ودرجة اللمعان والرطوبة، والثانية عن طريق تفريغ اللؤلؤ في أوان مخرمة تسمى (طوس) أو (طاسات) وكل لؤلؤة تبقى في الطاسة ولا تنفذ من ثقوبها يتحدد حجمها بحجم ثقب هذه الطاسة. ولدى التجار مجموعة طاسات معتمدة لمعرفة أحجام اللؤلؤ المعروض للبيع، ووضعوا مصطلحات لتثمين اللؤلؤ بهذه الطريقة: فاللؤلؤة التي تبقى في الطاسة الأولى تسمى (رأس) وتعتبر لؤلؤة كبيرة الحجم كالدانة والحصباة، واللؤلؤة التي تبقى في الطاسة الثانية تسمى (بطن)، ثم ينتقل بقية اللؤلؤ إلى طاسة ثالثة، فاللؤلؤة التي تبقـي فيها تسمى (الذيل).. ثم يغربل بقية اللؤلؤ في طاسة رابعة، وهي الطاسة التي تشتمل على فتحات صغيرة كأنها لقياس حجم اللآلئ الصغيرة جداً، والتي يطلق عليها (اليكة)، أما الطريقة الثالثة فهي الوزن، ووحدة قياس وزن اللؤلؤة (المثقال) وتقدر أثمانه حسب أسعار العملة التي يتم التداول بها في السوق.
بقيت أعمال الطواويش مزدهرة لحين ظهور اللؤلؤ الياباني، الذي صار منافسا للؤلؤ الطبيعي في الأسواق، مما أصاب أغلب التجار بخسائر فادحة قضت على تجارة اللؤلؤ في النهاية.
وما كاد يبزغ فجر نعمة النفط، وما صحبها من رخاء اقتصادي وطفرة تجارية وانتشار للتعليم الذي كان له دور في خلق وظائف ومهن جديدة أسهل وأقل خطرا من مهنة الغوص التي تصاحبها الأخطار، حتى توجه أهل الخليج للمهن الأخرى التي تتلاءم مع الحضارة الحديثة.
مع ذلك، تبقى في ذاكرة تاريخ اللؤلؤ حقيقة أن أفضل دانات الخليج كانت في الامارات، مثل دانة الكمزار التي عثر عليها سنة 1899 وكان وزنها (3500جو) بيعت في الشارقة بـ(2.000) شلن، ثم بيعت في الهند مرتين، إحداهما بمبلغ (40.000) روبية، والأخرى بمبلغ (100.000) روبيـة، ودانة بن مشوى التي بيعت بمبلغ (500.000) روبيـة، ودانة سيف بن خليفة القبيسي التي وصل سعرها (35.000) روبية