فقط لو صلى

منذ عدة سنوات, و بينما كنت في زيارة عائلية , قامت قريبتي بدفع طفلها إلى الحمام قسرا قبل أن يأوي إلى فراشه , و قد كان يستحق أكثر من حمام واحد في الحقيقة , لكثرة ما تراكم على جسده من عرق ممزوج بغبار و أشياء أخرى حملها من لعبه و عبثه .

وقد أُكبرت في أولادي يومها نظافة مظهرهم , و عدم اضطراري إلى دفعهم إلى الحمام الليلي هذا , و كنت أعرف تماما سر ذلك المظهر النضر و تلك النظافة المشعة , لقد كان الوضوء المستمر لأكثر من خمس مرات يوميا .

لا يخفى على الجميع ما لتعليم الأولاد الصلاة من فوائد لا تحصى , وأن الأم ستجني من الحسنات ما يعادل أضعاف الجهد الذي ستبذله لمتابعة صلاة أولادها , و الصبر على تهربهم و نسيانهم و تشاغلهم عنها و هم صغارا .

و أن ما ستكسبه من حسنات سيستمر طوال عمرهم و كلما وقفوا بين يدي خالقهم خاضعين وسيستمر بإذن الله لأجيال لاحقة سيقوم الأولاد باتباع نهج والدتهم معهم , و سيسكب فضل صلاتهم جميعا في كفة ميزان تلك الأم أيضا .

هذا عن الآخرة , و لكن الفوائد التي ستجنيها من تعوّدهم الصلاة منذ صغرهم في الدنيا أيضا لا تحصى , و منها :

- حفاظهم على نظافة أجسامهم أولا , و هذا كما أسلفت نتيجة لدوام اغتسالهم و قربهم من الماء.

- و هو مما يفرح و يبهج النفوس و يجعلهم من السعداء أيضا .. لأن تراكم العرق و الغبار و إهمال النظافة من الأمور التي تبعث على الكآبة و هو مرض العصر بلا ريب.

- و كذلك تقل نسبة المرض و الإنتان الجلدي و هذا أمر رائع جميل .

- و كذلك سنجد أطفالنا يحافظون على أناقتهم و جمال ملابسهم لأنهم سيتوجهون بها خمس مرات نحو المسجد و سيلاقون الناس, و بالتالي سترتاح الأم من الإشارة إلى مثل هذه الأمور .

- و لا ننسى اكتسابهم للقدرة و الخبرة في التعامل مع الناس و التواجد بينهم بطلاقة و اكتساب حسن المعشر و حسن المعاملة و هو مما سينعكس على المنزل و على حياتهم الشخصية لاحقا .

- و سيكتسب الأولاد أيضا أصدقاء صالحين من بين جنبات المسجد, و هو ما سيسهل علينا مهمة البحث عن الأصدقاء المناسبين لهم .

- و سيفتح لهم هذا أفاقا جديدة في حياتهم المستقبلية من خلال تواجدهم في العديد من الفعاليات التي تتم هناك .

- سيكون المسجد هو مكانه المحبب و سيحميه بإذن الله من التواجد في تلك الأماكن الموبوءة و التي لا نأمن عليهم فيها .

- و سنكسب أولا و آخرا حُسن علاقتهم بربّهم و تعلّمهم العلوم الشرعية بيسر و سهولة و برَّهم بنا أيضا , فمن عرف الله عرف قيمة بر الوالدين أولا و هذا من أعظم ما يرجوه الأهل من أولادهم .

- و يا لسعادتنا لو قاموا بحفظ كتاب الله و داخل حبه قلوبهم فهي سعادة الدارين لا محالة

ولأجل هذا كله سيهون تعبنا بداية في دفعهم للمساجد و تعويدهم على الصلاة منذ الصغر, و سيهون تصبّرنا عليها كما أمرنا الله و سنستمتِع بتلك النتائج العظيمة طوال عمرنا و بعد أن نلاقي ربنا أيضا .