الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
اجتماع الأسرة على الطعام بركة وعبادة
ما أسعد الأبناء في أسرة مترابطة، تخيم على أركانها المحبة وتربط أفرادها المودة،ولهذا الرباط الحبيب ما يقويه ويدعمه لتنبت الأطفال
نباتاً حسناً ومنها الاجتماع على الطعام إذ يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :
كلوا جميعاً ولا تفرقوا؛ فإن طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة والأربعة؛ كلوا جميعا ولا تفرقوا فإن البركة في الجماعة
اجتمع أفراد الأسرة المسلمة لتناول الإفطار،
اجتمعوا حول الطعام الشهي، والشراب البارد النقي، الكل ينتظر صوت المؤذن،
مشعراً بغروب شمس ذلك اليوم ودخول الليل،
ومُؤْذِناً بانتهاء وقت الصوم وبدء تناول الطعام.
إنه مشهد من المشاهد التي تهز النفوس، وتلفت الأنظار، ما الذي منع ذلك الجائع من أكل شئٍ يعالج جوعته،
أو تناول شراب يسد ظمأته، ما الذي جعل الشاب الصغير يصبر دون مد يديه، يترقب وينتظر مثل والديه، إنها مراقبة الله عز وجل وطلب رضاه،
الأمر الذي جعله يضحي بشهواته من أجل مولاه .
مشهد رائع جميل عند سماع الأذان "الله أكبر، الله أكبر"،
حيث تتحرك أيدي الجميع نحو رطبات، أو تمرات، أو حسوات من ماء، اقتداءً بخير الصائمين، وأفضل العابدين،
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
( كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن رطبات فتمرات، فإن لم يكن تمرات حسا حسوات من ماء )
رواه أحمد و الترمذي وصححه الألباني.
يأكل الصائم باسم الله، حامداً له على نعمه، قائلاً : ( الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة )
، فهو سبحانه وتعالى المتفضل على عباده بنعمه الكثيرة، وآلائه العديدة، والعبد ضعيف مسكين لا حول له ولا قوة إلا به،
فكيف لو فقد الإنسان نعمة السمع التي يسمع بها، أو نعمة اليد التي يتناول بها، أو نعمة الذوق التي يميز بها بين الأطعمة،
أو نعمة اللسان الذي يتكلم به ويحرك به الطعام، أو نعمة اللعاب الذي يساعد في المضغ والبلع
، أو نعمة الطعام والشراب، يا لها من نعم شتى يستشعرها الصائم لحظة فطوره ..
فالحديث على الطعام يقوي أواصر المحبة والمودة، ويقرب المسافات بين أفرادالأسرة، وليس فقط الأسرة بل بين الأصدقاء والأحبة والأخوة، من أجل هذا فقد أمرنا النبي بالحديث على الطعام لبث المودة والمحبة وتقوية الأواصر ..فالمحبة والأخوة هي منبع قوة ديننا وأمتنا .
ومن آدابه- صلى الله عليه وسلم- عند الطعام التسمية في أوله وحمد الله بعد الفراغ، فكان عند بداية الطعام يقول:بسم الله. فإذا فرغ قال:
اللهم إنك أطعمت وسقيت وأغنيت وأقنيت وهديت واجتبيت، اللهم فلك الحمد علىما أعطيت. رواه أحمد في مسنده
وكان يقول :
كل طعام لا يذكر اسم الله تعالى عليه فإنما هو داء ولا بركة فيه، وكفارة ذلك إن كانت المائدة موضوعة أن تسمي وتعيد يدك،
وإن كانت قد رفعت أن تسمي الله تعالى وتلعق أصابعك
التخريج (مفصلاً): ابن عساكر عن عقبة بن عامر، كتاب زيادة الجامع الصغير للسيوطي
وكان- صلى الله عليه وسلم- لا ينفخ في طعام ولا شراب ولا يتنفس في الإناء
رواه ابن ماجة عن ابن عباس..
وكان أحب طعامه التمر فيقول :بيت لا تمر فيه كالبيت لا طعام فيه.
وعلمنا أن من أكل طعام ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه،
ومن لبس ثوباً فقال: الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. عن معاذ بن أنس.
ولنحافظ على أجسامنا صحيحة، فكانت وصيته الخالدة الحكيمة التي يتغنى بها أطباء العالم اليوم :ما ملأ ابن آدم وعاء شراً منبطنه،
حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه.
والسلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،