أحتضان العيون

احتضان العيوب

أن تقبل الزوجة أن تعيش مع زوجها حياة مشتركة واحدة .. فهذا معناه أن تقبل وتتقبل شخصيته كما هي .. فالحب جذوره تنبع من "القبول" .. قبولا الطرف الآخر كما هو..
فأن تحب إنسانا، فهذا معناه أن تقبله كما هو .. بحسناته وعيوبه ..
وعندما يشعر هو بهذا القبول الكامل له .. يحاول هو بذانه أن يحسّن من عيوبه ومن شخصيته لكي يرضينا أكثر ..
لكن الحب "المشروط" بشروط كثيرة مبدئية – ليس حباً ..
فأن تقول الزوجة للرجل سوف أحبك إن فعلت هذا أو ذاك .. فهذا ليس حباً .. بل مقايضة ..
الحب بداية التغير للآخرين .. بالقبول "غير المشروط" لهم .. بشخصياتهم وعيوبهم وضعفهم لدرجة أن نحتضن تلك العيوب ونتعامل معها بالحب لكي تتحول إلى محاسن!
وليس فقط أن نحتضن العيوب في رومانسية كاذبة سرعان ماتسقط عند أول اصطدام بعيوب بعضنا البعض.

تغير الآخرين .. السهل الممتنع

من أصعب الأمور التي يمكن أن تواجه شخصاً هو محاولته تغير إنسان آخر .. إلا إذا أراد ذلك الإنسان تغير نفسه..
إذ إن الإرادة الذاتية في التغير هي الفيصل في الأمر،
وإلا، فهناك مقاومة داخلية تنشاً مباشرة داخل الزوج عندما "يشعر" بمحاولة ما من زوجته لتغيره!
وتتصاعد تلك المقاومة لتصل إلى حد"العناد" .. فتوصد الباب أمام أي محاولة من الزوجة في تغيره، مهما كان حجم صدق تلك المحاولة! هكذا الإنسان بطبيعته النفسية وتركيبته المتشابكة.

لذلك .. فتغير الآخرين أمر صعب.. ولكنه ليس مستحيلا.. إنه السهل الممتنع ..
فهناك حالات كثيرة استطاعت فيها الزوجة إحداث تغير حقيقي في شخصية الزوج إلى الأفضل.

صفات مالحة.. وصفات صخرية!

ولكن هل كل الصفات السيئة في أي رجل تقبل التغير؟ وماهو القابل للتغير فيها؟
سؤال مهم، طرحناه غير مرة، لأهميته القصوى لأن معرفة الإجابة عنه بشكل شخصي لدى كل زوجة، يسهّل المهمة كثيرا..
فخبراء النفس البشرية يحددون لنا مجموعة من الصفات في الرجل قد تقبل التغير وأخرى لا تقبل التغير.

تلك الصفات القابلة للتغير يمكن وصفها بأنها صفات "مالحة" ..
أي قابلة للذوبان بل سريعة الذوبان والاختفاء تدريجيا من الشخصية..
وهناك صفات أخرى غير قابلة للتغير يمكن وصفها بأنها صفات "صخرية"
أي أنها لا تذوب في الماء أبداً، بل قد تتكون شيئاً فشيئاً داخل الشخصية وتصبح صخراً جامداً لا يلين كحجر الصوّان.

وبالتالي .. فالزوجة الذكية هي من تدرك الفرق بين النوعيتين من الصفات ..
كما تدرك أن هناك فروقا بين الرجال في شخصياتهم وصفاتهم ..
فالصفات المالحة لدى البعض قد تكون صخرية لدى البعض الآخر ..
إذ إن الأمر شخصي جدا ويحتاج إلى حكمة خاصة لدى الزوجة.. للتميز بين النوعيتين.

أمواج الزمن.. تفتت الصفات

لايأس مع التغير الذي ينتج عن رغبة صادقة من الزوجة تجاه رجلها.. فالمحاولات الهادئة الرصينة طويلة الأمد هي من تفلح في التغير..
بعكس التسرع وفرض الإدارة على الزوج لتغيره بالقوة، فهذا يزيد من صلابة ردة فعله.

فإن كانت هناك صفات في الرجل سلبية و"صلدة" ولاتتفتت سريعا فأمواج الزمن والصبر والانتظار والحب الدؤوب تستطيع أن تفتتها يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام.

أصدقاء من نوع آخر .. للتغير

لاشك أن الإنسان في صراعة "الهادئ" لأجل تغير شريك حياته يحتاج إلى قوة بل قوى أخرى تساعده ..
وهناك بالفعل تلك القوى .. التي تمثل أصدقاء حقيقين في هذه العملية ..
هم ليسوا من لحم ودم..
بل هم قوى معنوية لكن لها تأثير هائل مادي ونفسي في الإنسان ..

@ فالإيمان قوة هائلة تمد الإنسان ببطاريات الأمل والثقة في أن غدا سوف يكون أسعد وأفضل مع شريك الحياة .. ومعرفة عيوبه ونقائصه ..
@والمرونة النفسية في التعامل مع العيوب وتلافي الصدامات مع الرجل، قوة أخرى لا يستهان بها..
@والواقعية قوة تدفع للتعايش مع الأمر الواقع بعيداً عن الصور الخيالية .. لأن تغير إنسان من أصعب الأمور على وجه الأرض التي يمشي عليها الإنسان .. لكنه السهل الممتنع!