--------------------------------------------------------------------------------
رحمة الام
رحمـة الأم ______________________________ __ ما أجمل تلك الحكاية التي ساقها ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين حيث قال: وهذا موضع الحكاية المشهورة عن بعض العارفين أنه رأى في بعض السكك باب قد فتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي وأمه خلفه تطرده حتى خرجذهب الصبي غير بعيد ثم وقف متفكرا، لم يجد له مأوى غير والدته اللتي تؤويه، فرجع مكسور القلب حزينا.. فوجد الباب مرتجا فتوسده ووضع خده على عتبة الباب وناموخرجت أمه، فلما رأته على تلك الحال لم تملك إلا أن رمت نفسها عليه، والتزمته تقبله وتبكي وتقول: يا ولدي، أين تذهب عني؟ ومن يؤويك سواي؟ ألم اقل لك لا تخالفني، ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جُبلت عليه من الرحمة بك والشفقة عليك.. وارادتي الخير لك.. ثم أخذته ودخلتتأمّل قول الأم: لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جُبلت عليه من الرحمة والشفقةوتأمّل قوله صلى الله عليه وسلم: الله أرحم بعباده من الوالدة بولدهاوأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء؟فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد استدعى منه صرف تلك الرحمة عنه, فإذا تاب إليه فقد استدعى منه ما هو أهله وأولى بهفهذه تُطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده أعظم من فرح الواجد لراحلته في الأرض المهلكة بعد اليأس منها